Seven Dreams

Archive for the ‘في ظلال القرآن’ Category


(١)

كثيرًا ماكنت ألاحظ اختلاف نظرتي لبعض الأمورعن صاحباتي في المدرسة . كثيرًا ماتتحدث الطالبات عن المعلمات بسوء، وهذا وارد جدًا لكثرة الاحتكاك بهن واحتمالية وقوع الكثير من المواقف والتصادمات معهن ، بسبب درجة أو حل واجب أو توبيخ علي حديث جانبي في الصف …أتذكر أني كنت أختلف معهم في ابتعادي عن أسلوب الاتهام ،تجدني أدافع عن المعلمة أو أحاول إيجاد الأعذار لها. تغضب صاحباتي مني ” دايم تحاولين توقفين بصفهم! ليييش ياجواهر!!؟ ” أو ” لا تحاولين تبررين لهم. أكيد أن قصدها! كيف يعني مش قصدها!!؟ “، ألوذ بهدوء فلا أزداد إصرارًا على موقفي الدفاعي، وتستمر صاحباتي بالحديث.

(٢)

يصادف كثيرًا في قاعة الاختبار يوم أن كنت في المدرسة أن أتلفت كثيرًا ، أو أن ابتسم بلا داع. أثير الشك بتصرفاتي أحياناً حتى تظن المعلمة أني أحاول غشًا أو استهتارًا . مع أني ماكنت أريد الغش، وإنما تفقد الطالبات ومراقبة جو التوتر الذي يسود القاعة – وهذه عادة غريبة كنت أستمتع بها أيام المدرسة-  كثيرًا ماكانت تنصحني أمي بالكف عن ذلك، لكني لم أقتنع. وكنت أبرر بقولي: ” لكني صدق ماسويت حاجة ولا غشيت! أحسن خل يظنون بكيفهم.. مش مهم”. لم أكن أهتم بالابتعاد عن ظن الناس بي. وكنت ألقي باللوم عليهم في ذلك!. هم من عليهم أن يحسنوا الظن بي، ولا يهم مدى ريبة تصرفاتي .

*

أتذكر هذه اللمحات من شخصيتي وأتبسم : ) .. أهتم بالعودة كثيرًا للوراء وتفسير تصرفاتي أيام طفولة أو مراهقة  محاولة بذلك دراسة شخصيتي وفهمها. الآن فهمت أني كنت مخطئة !. وأن الأمور لا تسير على هذا النحو. تعلمت من كتاب (العادات السبع للمراهقين الأكثر فعالية) كيف أكون مسؤولة عن تصرفاتي . كانت أشبه بصدمة لعادات تطبعتها!!.لوم الآخرين في إساءة ظنهم بي!. كنت أستخدم كثيرًا أسلوب خسارة-خسارة ، كنت أرضى للآخرين بأن يشكُّوا في تصرفاتي، ولاأفعل شيئاً حيال الأمر.. أتركهم في شكوكهم وأمضي. كنت أستمتع بإلقاء اللوم على الآخرين والهروب من المسؤولية حتى من تصرفاتي!.

إساءة الفهم أمر وارد جدًا ، فلسنا نرى من جانبي القصة إلا إحداها. يجب ألا نحمّل البشر فوق طاقتهم، ونلومهم على عدم إحسان الظن بنا في موقف يكاد الناظر إليه يجزم بصحة إساءة ظنه. وبالرغم من أنه من الواجب على المرء أن يتمهل ولا يصدر حكمًا متسرعاً ، إلا أنهم بشر قبل كل شيء وتمر بهم خواطر وشكوك وهواجس، من مسؤولية الفرد توضيح موقفه والابتعاد عن الشبهات. وأن لا يجعل لفهم الناس مجالاً لسوء الظن به!.

الحمدلله الذي رزقني هذه الفطرة  وأعانني الله على الاعتناء بها. سوء الظن متعب في حد ذاته!!. شعاري الجديد سيكون : ( لا تسئ الظن بالناس ، ولا تجعل لهم مجالاً لإساءة الظن بك )

٠

كثيرًا ماكنت أتساءل: ما أهمية الإيمان بالغيب؟ ولماذا يكرر الله بتميز الذين يؤمن بالغيب عن غيره!؟. أخذت أتساءل: ماهو الغيب الذي نؤمن به؟

قرأت مرة في كتاب لـ د.عبدالوهاب المسيري.* كان يتحدث عن الغيب ولكن بمصطلح آخر( المجهول) وكيف يدعي بعض البشر أنهم سيصلون إلى نقطة في حياة البشرية حيث لاوجود لمجهول، وسيكتشف الإنسان كل شيء ..كل شيء!!! وعند حدوث ذلك سيصل العالم إلى مرحلة تسمى (نهاية التاريخ). كنت أقرأ وأتعجب!! يالغرور البشر!!.

مالذي يتضمنه (المجهول) وماأهمية الإيمان به؟ يعني أن هناك أفقاً واسعًا من العلم أكبر من أن تتعلمه بنفسك إيها الإنسان. بل لست مخلوقاً لتعلم كل شيء.. حتى ماتراه حولك في الكون لا يساوي شيئاً مما لا تعلمه!. وإلا ماهي الغيبيات؟ كل أمر يخبرنا الله بوجوده فنصدق بذلك دون أن ندركه أو نحسه أو نكتشفه بجوارحنا. الذي لا يؤمن بوجود مجهول فهو يكفر بأشياء كثيرة عظيمة!!. هو لا يؤمن بحياة أخرى! هو لا يؤمن بوجود حساب بعد هذه الدنيا!. ولا يؤمن أن هناك جزاء آخر غير الذي يكسبه في دنياه!. إذاً هو يبذل جهده لدنياه، ودنياه فقط!. لايؤمن بوجود من يحاسبه، فيلهو في دنياه!. يالله .. هو لا يعلم مالغاية من وجوده على هذه الأرض!!.

لا يؤمن بوجود جزاء! لا جنة ، لا نار. هو يؤمن بالعبثية، يؤمن بالقوانين الطبيعية التي يراها أمامه، ولايؤمن إلا بما يراه. هو يدعي معرفة كل شيء، ويدعي أنه فوق كل شيء!. أليس العالم بكل شيء يكون أكبر من كل شيء وأعظم!؟ هو يدّعي صفة من صفات الله العليم! ياللسخرية ، يقارن نفسه بخالقه!. هذا إن آمن بوجود خالق له!. وكيف يؤمن وهو لن يدرك الله بإحدى جوارحه ولن يحيط به علماً !. يقول عطاء بن رباح : ” من آمن بالله فقد آمن بالغيب ” .

قرأت كلاماً جميلاً مطمئناً في ظلال القرآن لسيد قطب ، يقول : ” والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها الإنسان، فيتجاوز مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ماتدركه حواسه، إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدد الذي تدركه الحواس. وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجوة كله ولحقيقة وجوده الذاتي، ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود، وفي إحساسه بالكون وماوراء الكون من قدرة وتدبير. كما أنها بعيدة الأثر في حياته على الأرض ; فليس من يعيش في الحيز الصغيرالذي تدركه حواسه كمن يعيش في الكون الكبير الذي تدركه بديهته وبصيرته، ويتلقى أصداءه وإيحاءاته في أطوائه وأعماقه” .

حدث لي أني كنت أفكر كثيراً في الغيبيات .. أحاول تصورها، وأتساءل كثيرًا بيني وبين نفسي. وأروح لأبعد مما ذكره الله لنا عنها! . فيصيبني تعب وإحباط من عدم قدرتي على التخيل!. وأستحي أن أطرح سؤالي على أحد لما أشعر فيه من غرابة التفكير بتلك الأمور. حتى تعلمت أن لعقلي طاقة محدودة، وأنه لم يُخلق لمثل هذا، ولم يُخلق لأعلم كل شيء. لقد أراحتني فكرة أني لم أخلق لأعلم كل شيء : )  وأن محاولات البشر في اكتشاف ماوراء الأشياء والتطفل على الغيبيات لهو حماقة كبرى. شعوري بأن مايعلمه البشر لا يساوي شيئاً من علم الله يزيدني تعلقاً بالله والشعور بعظمته وبعلمه.

* كتاب : الصهيونية والنازيّة ونهاية التاريخ، ص:٢٦٦ .

.

منذ زمن وشيء ما في نفسي يحرضني على تغيير علاقتي مع القرآن. كثيرًا ما أتألم من هذه العلاقة، نمسكه للقراءة وكثير من اللحظات الشاردة تسرق منا حلاوة تدبر القرآن. مررت بأيام كنت أشعر فيها بإحباط شديد.. حتى قررت من دون وعي أن أهجر القرآن إن لم أتدبره حق التدبر!. تركته طويلًا  لا أقرأ إلا في نهار الجمعة سورة الكهف، ولم يكن في جسدي وروحي ذرة رضا عن تلك العلاقة!. حتى قررت أن أبدأ بالتغيير في رمضان. الشهر الذي تعلمت فيه تغيير نفسي كثيرًا السنة الماضية. سيكون هدفي لهذا الرمضان هو تغيير علاقتي مع القرآن.

كنت حائرة كيف أبدأ! ومن أين أبدأ؟ فتحت المصحف.. بدأت بتلاوته بكل تركيز، لا لاأريد التدقيق في الكلام فقط! أريد ماوراء ذلك.. أحياناً أفهم مالذي أقروه لكني أنسى الآية سريعاً .. أو لاأطبقها على حياتي، أو لاأعيش في ظلالها . أريد أن أعيش جو القرآن، أريد أن تكسوني حالة طمأنينة وأن تحيط بي مشاعر مختلفة! أريد أن تكون قراءتي مختلفة تماماً عما اعتدت عليه من إتقان التجويد ومحاولة فهم سطحي لمعنى كل كلمة. يقول د.سلمان العودة في إحدى تغريداته بما معناه: “لاأريد أن أسابق أحداً في ختم القرآن، ولاأريد لعيني أن تقع على رقم الصفحة وعدد الجزء” هذا بالضبط ماأشعر به! أريد أن أعيش حياة أخرى وأن أنسى الأرقام والسباق في عدد الختمات. أريد أن أقترب بكل آية إلى الله، وأريد أن أرى مثل مارأى الصحابة في القرآن. أريد أن أرى بنفسي كيف يكون القرآن مُعجزاً في كل آياته، وكيف يكون منهجًا للحياة. أرشدني الله بفضل منه إلى كتاب ( في ظلال القرآن ). ماإن قرأت مقدمته حتى أيقنت أن هذا الكتاب سيكون عوناً لنيتي الصادقة.

يقول سيد قطب : ” الحياة في ظلال القرآن نعمة. نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها. نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه. والحمدلله لقد منّ علي بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمان، ذقت فيها من نعمته مالم أذق قط في حياتي. ذقت فيها هذه النعمة التي ترفع العمر وتباركه وتزكيه.

لقد عشت أسمع الله-سبحانه- يتحدث إلي بهذا القرآن.. أنا العبد القليل الصغير.. أي تكريم للإنسان هذا التكريم العلوي الجليل؟ أي رفعة للعمر يرفعها عذا التنزيل؟ أي مقام كريم يتفضل به على الإنسان خالقه الكريم؟ “

* المشروع واسمه مقتبس من بنات أفكار الرائعة نوال القصير.


« تفـاؤل متجدد »

بانـَت على تمهُلِ.. شمْسُ الصّباحِ المُقبـلِ.. كأنّهَا راقِصةٌ .. علَى غِناءِ بُـلبُـلِ | @ZainB

أوّل حلُم

وراء كل إنجاز عظيم / حلُمٌ عظيم . د.عبدالله العثمان

الصفحات

« في الذاكـرة »

«Cَalander»

أفريل 2024
س د ن ث ع خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

« بَـيْـن يـدَيّ »

« stopped by »

Blog Stats

  • 5٬449 hits